منذ قرّرت الدولة، في عهدها الجديد، أن تستلم زمام كلّ الأمور، وأن ترفع شعار الحَصريّة، وأن تُكبِّر حجر مسؤولياتها، بدأت تفقد جزءاً من هيبتها وجزءاً من مصداقيتها.
“إسرائيل” تعتدي كل يوم، وتخرق كل اتفاق، وتستبيح حتى قلب لبنان، ولا نرى من دولتنا ومسؤولينا إلا المواقف المنفردة والاجتماعات الخجولة التي لا تردع ولا تقدّم ولا تؤخّر، أما الخطوات العملية الجدّية والتقدّمية فغائبة، حتى في الدبلوماسية التي أرادت أن تعتمدها نهجاً.
لقد مرّ على بدء سريان اتفاق وقف النار ستة أشهر تقريباً، والعدو يخرقه، ولا مِن تحرّكات فاعلة.
وتحت سقف الدبلوماسية، يمكن للدولة فعل الكثير عدا التنديد والتصريح بأنها تلجأ إلى الدول الكبرى وتتمنى.
ونذكر على سبيل المثال لا الحصر:
1 ـ تشكيل خلية أزمة على مستوى رفيع، وإرسال الموفدين إلى كل الدول للضغط عليها لوقف العدوان الاسرائيلي.
2 ـ إستدعاء السفيرة الأميركية والموفدة الأميركية، والكلام معهما بسيادية لا بتبعية، وبحزم لا بترجّي.
3 ـ الاجتماع مع سفراء الدول الغربية الفاعلة ووضعهم أمام مسؤولياتهم، كما مع المسؤولين عن لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق.
4 ـ إرسال كتب واضحة وجازمة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، وطلب عقد اجتماع عاجل على مستوى المؤسسات الدولية.
5 ـ التقدّم بشكاوى إلى المحاكم الدولية، بل بدعاوى.
6 ـ التلويح بقطع علاقات دبلوماسية إذا ما استمرّت تلك العربدة الاسرائيلية.
7 ـ استخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية.
8 ـ تفعيل دور الجيش اللبناني وإطلاق ولو طلقة واحدة كردّ على الاعتداءات، لأن جيشنا يجب أن يكون أداة حماية لنا، لا حرس حدود ولا مكوّناً شكلياً في هذا الوطن الذي لطالما اعتبر المؤسسة العسكرية حصانته وسياجه.
9 ـ العمل بسرعة على استراتيجية دفاعية وطنية تستفيد من خبرات وقدرات المقاومة، ولا تأتي تلبيةً لرغبات البعض بنزع سلاح المقاومة بالقوة.
10 ـ استخدام وسائل الإعلام المحلية خصوصاً لتكون في مواجهة كل اعتداء، لا مساهِمة في تسويق سرديات العدو.
وأولاً وأخيراً، أن تؤمن الدولة بأنها صاحبة سيادة وحق وإرادة وقدرة، وأن لا تتعامل بدونيّة. فالقوة تُواجَه بالقوة وبالحضور الثابت، لا بالتخاذل وبمظاهر الضعف والتسليم.
وإذا كان ثمن المواجهة صعباً، فإن ثمن الاستسلام يمسّ بالوجود بذاته.