على شاطئها المتوسطي توالت حضارات خلف حضارات، وتمازجت فيما بينها لتكوّن مدينة تعبق بالأمجاد العريقة، والإرث الثقافي والعمراني المميز. هذه هي طرابلس التي لطالما كانت “مدينة العلم والعلماء” لأنها خرّجت عبر التاريخ العديد من العلماء الذين وصلت أصداؤهم الى مختلف أنحاء الدنيا، وتغني مؤلفاتهم العديد من المكتبات والمتاحف، إضافة إلى دور العبادة ودور العلم الشاهدة على هذا التاريخ حتى يومنا هذا.
هي المدينة المتألقة التي لعبت دوراً ثقافياً وسياسياً، واقتصادياً وتجارياً رائداً، أنارت الدنيا علماً وحضارة.
هي مدينة تعبق بالحضارة والتعايش بين أبنائها كأنها لوحة موزاييك لا نظير لها ، حيث تتناغم فيها القلاع، مع القصور مع المدارس والمساجد والكنائس والأسواق العريقة، وهذا ما جعلها تستحق لقب “المتحف الحي” .
أما اليوم، وللأسف، ووفقا للبنك الدولي: ” تصنف طرابلس بالمدينة الأفقر على ساحل البحر المتوسط ” .
من حوّل مدينة الحياة إلى مدينة مهمشة، يركب أبناؤها زوارق الموت في ظلمات الموج الهائج ؟
من أعاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدينة، وحولها إلى مكب للنفايات ومياه الصرف الصحي للمناطق المجاورة وبؤرة للتلوث البيئي والأمراض السرطانية ؟
من المسؤول عن أكثر من ٢٥٠٠ مبنى مأهول معرض للسقوط على قاطنيه ؟
من المسؤول عن ملف التلوث البيئي ؟ من المسؤول عن زحمة السير الخانقة في المدينة ؟
الموت برصاصة طائشة أصبح روتيناً شبه يومي من قبل بعض عصابات المجرمين، والمدمنين الذين يحظون بغطاء رجال السياسة والذين بدورهم دأبوا على رعاية مصالحهم الخاصة التي كانت تتعارض مع مشاريع الإنماء في المدينة.
فوضى عارمة تكتسح المدينة، في ظل غياب مخز، ولسنوات طوال لسلطات البلدية ومجالسها، ولا سيما أن البلدية هي أشبه بالحكومة المحلية والسلطة التقديرية، التنفيذية والرقابية لثاني أكبر مدينة في لبنان، وهي أكبر بلدية في لبنان من حيث المساحة وأهم بلدية في لبنان من حيث الإستقلالية.
نعم، طرابلس تتهاوى بسبب فشل المجلس البلدي بالقيام برعاية شؤون ومصالح المدينة، وتنميتها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، والبيئية والإنسانية والعمرانية، تماماً كما تخاذل رؤساء الحكومة والنواب والوزراء الطرابلسيين على مدى سنوات.
وبما أن الصمت في هذا المقام هو إجرام يزيد من سحق الفيحاء، وانطلاقاً من الشعور بالمسؤولية ومن مبدأ امتلاكها الخبرة الواسعة في العمل البلدي والوسيلة والأدوات والخطط المناسبة، اتخذت “حراس المدينة ” قرارها باستعادة مدينة العلم والعلماء من خاطفيها، لتصبح هي صوتها الذي يصدح بالحق، وذلك من خلال خوضها للانتخابات البلدية المقبلة، بإذن الله تعالى.
الثقة التي أودعها أهل المدينة بالحراس، ورغبتهم بأن تتولى هي زمام العمل البلدي، والتنموي دفع “بحراس المدينة”، إلى خوض غمار هذا الاستحقاق المصيري، وبالتالي العمل بكل شفافية ووطنية لتشكيل لائحة ائتلاف مدني، يتكون أعضاؤها من أبناء المدينة على اختلاف طوائفهم، من الذين يملكون الإمكانيات العلمية والثقافية والأخلاقية التي تؤهلهم لرسم السياسة العامة للمدينة، وتنفيذ الاستراتيجيات التي تعنى بالأمن والتنمية والإستثمار.
وانطلاقاً من قوله تعالى: ” وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ “، كان لا بد لأعضاء اللائحة أن يتمتعوا بقيم وأرضية مشتركة تؤهلهم للعمل كفريق واحد متجانس لا متشاكس، تتكامل الأدوار فيما بينهم في جو من الثقة المتبادلة، تطبيقاً لقوله تعالى : “وتعاونوا على البر والتقوى “، ولحديثه عليه الصلاة والسلام: (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وشبك أصابعه).
وانطلاقاً من إستقلالية الحراس التامة، وعدم انتمائها لأي طرف سياسي، ستخوض الإنتخابات بفريق يتمتع بنفس خصائص الحراس، فريق… على قلب رجل واحد، ليكون هدفه “طرابلس أولاً”، وليكون ولاؤه فقط لمصلحة المدينة، ويكون انعكاسأ لنسيجها المجتمعي المتعدد الطوائف.
أهلنا في طرابلس…
آن الأوان، لنعمل معاً لتحرير المدينة من كل توجه سياسي (حالي أو سابق) خائن للأمانة، فحرم المدينة من حقها في المشاريع التنموية وساوم على كرامة أهلها وعزتهم. رسالتنا أن نسترد معا هيبة الفيحاء ودورها الريادي .
و”حراس المدينة” هي وليدة أزمة نفايات تُصدّر إلى المدينة، وليدة مشروع مرآب التل المشبوه، وليدة ثورة ١٧ تشرين ٢٠١٩، وهي وليدة جراح شعب لا يملك أدنى مقدرات الدفاع المدني، وليدة مدينة يملؤها التلوث البيئي وتغيب عنها كل عناصر الأمن الإجتماعي. حراس المدينة التي حمت ساحة النور ونظمتها حتى نالت طرابلس لقب “عروس الثورة،” تعاهدكم أن تكمل مسيرتها التي بدأتها منذ عشر سنوات، لتبقى هي العيون الساهرة التى ترعى المدينة وتسعى لتطويرها وتحريرها من قبضة السياسيين، إمتثالا لقوله تعالى: “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”. لذلك فإن حراس المدينة اليوم ترفع شعارها بأعلى صوت: ” نحن شعب يملك وطناً … طامحاً لبناء دولة “.
عشتم وعاش لبنان وطنًا معافًى حرًا مستقلًا…
وللبيان حرر في ۹ مارس ٢٠٢٥
مجلس إدارة حراس المدينة
حراس المدينة
