وسط حضور وتفاعل ملفتين عقد تحالف متحدون في منتدى الرابطة الثقافية في طرابلس لقاء “الطاولة المستديرة” لمناقشة الحلول العلمية المتكاملة المقترحة لأزمة النفايات في طرابلس والمنية والشمال وكل لبنان، بإشراف فريق من الأخصائيين البيئيين والاقتصاديين تمهيدا لإنجاز دراسة الجدوى البيئية والاقتصادية والإدارية المتكاملة للحلول المتبناة.
استُهل اللقاء الساعة التاسعة صباحاً بتسجيل الحضور، حيث كان بارزاً من بين الحاضرين مشاركة الوزير السابق سمير الجسر والنائب طه ناجي والنائب السابق رامي الفنج وممثلين عن وزراء ونواب حاليين وسابقين، رجاء هرموش عن الوزير أشرف ريفي . ويحيى جداد
عن إيهاب مطر وأحمد سلوم عن فراس سلوم ومحمد الخير عن كمال الخير وابراهيم الصمد ممثل عن والده عبد العزيز الصمد، رئيس بلديات اتحاد الضنية محمد سعدية، رئيس بلدية اللقلوق رياض مرعي وعضو البلدية راني حمادة، رئيس الرابطة الثقافية الصحافي رامز الفري, رئيس الاتحاد العمالي في الشمال شادي السيد،
ممثل بلدية الميناء الدكتور زاهر عرابي،ممثل جمعية الوفاق الثقافية الاستاذ وهبة الدهيبي,
من بلدية طرابلس أحمد مواس ومحمد أمون، ممثل الجماعة الإسلامية أحمد البقار، بالإضافة إلى أعضاء مجالس بلدية ومخاتير وفعاليات مدينة طرابلس والشمال وعددٍ من الناشطين البيئيين وآخرين.
افتتح اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني وقسّم إلى ثلاث جلسات، بدءاً من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الثالثة من بعد الظهر. استهلّت الجلسة الافتتاحية بكلمة تحالف متحدون لمنسّقة الإعلام في التحالف روان مراد، شددت فيها على ضرورة تنفيذ مشاريع تكون حلول نهائية لأزمة النفايات بعد كل ما حصل، مثنية على مدى فرادة هذا النشاط وأهميته لأبناء مدينة طرابلس والشمال من الناحيتين العلمية والعملانية القائمة على إشراك أهل المدينة في تحديد الحلول المقترحة والمتبنّاة وما لذلك من لجم للفساد عبر وسطاء جل همّهم ما يدخل جيوبهم غير مكترثين بحياة وبيئة وصحة الناس. وكانت كلمات للمتحدثين، الدكتور المحامي زياد عجاج الأستاذ الجامعي في والناشط البيئي، الدكتور عمر حلوة رئيس المركز اللبناني الاستشاري للتنمية، الدكتور راجي درويش البروفيسور في اقتصاد الموارد والبيئة، الأستاذ سمير سكاف الإعلامي والناشط البيئي، وكذلك تخلل الكلام مداخلة لافتة للمحامي جورج خاطر.
خاطر
شدد خاطر على أهمية محاسبة كل مسؤول عن أزمة النفايات تحت سقف القضاء، إذ حريّ أن يكون للمدعى عليهم في ملفات الشمال البيئية، أحمد قمر الدين وشركة باتكو وأنطوان أزعور ونبيل الجسر وشركة أ م ب ورانيا وشادي أبو مصلح وشركة دار الهندسة وجميل نزيه طالب وشركة ليبان كونسولت وأنطوان معوشي وشركة الجهاد وجهاد العرب وعماد مطر وسواهم ممن كانت لهم صلة بهذه الأزمة، مساهمة فعلية وفعّالة في الحل، حيث من الواجب على القضاء أن يضغط باتجاه أن يساهم هؤلاء في الحل أو أقله في جزء وازن منه انطلاقاً من مسؤولية التسبب بالضرر الحاصل، وذلك عبر الاشتراك في تمويل تكلفة الحلول المقترحة والمتبناة التي ستصدر عن هذه الطاولة المستديرة وعن الجدوى الاقتصادية المتممة لها، انطلاقاً من المبدأ المنطقي والقانوني الراسخ عالمياً “الملوّث يدفع”.
ورحّب خاطر بأي عرض طوعي لهؤلاء يؤدّي إلى المساهمة في رفع الضرر الحاصل، على قاعدة “أن نضيء شمعة معاً خير من أن نلعن الظلمة”، مع التأكيد الدائم على مبدأ المحاسبة تحت سقف القضاء.
عجاج
استهل عجاج كلمته بشكر تحالف متحدون على هذه المبادرة واعتبر بأن جبل نفايات طرابلس كارثة بيئية حقيقية أدت إلى شتى أنواع الأمراض الروائح الكريهة وتهدد أكثر من مليون إنسان، كما أشار إلى أن المطمر عشوائي بامتياز وهو مخالف للمواصفات الفنية، الأمر الذي يؤدي إلى اشتعاله بشكل يومي حدّ الانفجار مما شكّل حالة خوف ورعب لدى الطرابلسيين.
وعزا عجاج المشكلة إلى القيمين على المدينة من الساسة الفاسدين والشركات الملزّمة، معتبراً أن الواجب الأخلاقي هو إيجاد حل مستدام وليس كالخطط المعتمدة سابقاً والتي أدت إلى فشل معمل الفرز القديم. وأشار إلى أن تحالف متحدون وبالتعاون مع مختصين بيئيين تقدموا بشكاوى جزائية أمام النائب العام البيئي غسان باسيل الذي أحال الملف إلى قاضية التحقيق الأولى في الشمال سمرندا نصار، التي كلفت الخبير البيئي ريمون متري الذي أوضح في تقريره بالتعاون مع فوج الهندسة في الجيش اللبناني بأن المكب مخالف للمواصفات ويشكل خطراً محتوماً. كما أشار باستنكار إلى تقدّم نواب من طرابلس بطلب إلى المدّعى عليه أزعور صاحب شركة باتكو لإعادة تشغيل المكب، وختم مشدداٍ على ضرورة فرز النفايات من المصدر.
حلوة
بدوره شكر حلوة تحالف متحدون وأشار إلى أن كل الدول المتقدمة تعتبر النفايات ثروة، إلا في طرابلس ولبنان فإن النفايات سبب رئيسي في التدهور البيئي والصحي والاقتصادي. وربط هذا الوضع بالفساد المستشري في البلاد، مشيراً إلى أن تقاعس الدولة المتمثلة بوزارة البيئة في معالجة هذا الملف وتواطؤها مع مجلس الإنماء والإعمار إضافة للشركات المشغّلة للمطمر كشركة باتكو وغيرها أدى إلى إجهاض كل مسعى من شأنه معالجة هذه الأزمة جذرياً، إذ أن ليس من مصلحة المنتفعين أن تصل أي منطقة لـ “صفر نفايات”. كما أشار إلى أنه يمكن بمقارنة بسيطة مع دول أخرى للأموال المنفقة على النفايات معرفة حجم التبذير والهدر في معالجة هذا الملف، علماً بأن محامي التحالف يتابعون قضية هدر واختلاس الهبات الأوروبية تحديداً أمام القضاء الأوروبي.
كذلك أثنى حلوة على مداخلة المحامي خاطر لناحية أن المسؤولين هم من عليهم التكفل بالمعالجة وتعويض كافة الأضرار الناجمة عن الأزمة. وختم بالإعراب عن دعمه لخطوات متحدون القانونية والعملية.
درويش
ذكّر درويش بالمرحلة الأولى للخطة المتكاملة لمعالجة النفايات والتي بدأت العام الماضي في مؤتمر طرابلس البيئي في معرض رشيد كرامي الدولي، حيث جرى استعراض الحلول التي من شآنها تحويل النفايات من نقمة إلى ثروة من خلال الدراسات العلمية والتطور التكنولوجي.
كذلك أشار وبالعودة للمرحلة الثانية أي “الطاولة المستديرة” إلى الهدف الرئيس المتمثل بمناقشة الحلول المقترحة من الحاضرين والمهتمين على مبدأ “من أهل طرابلس والشمال إلى أهل طرابلس والشمال”، وذلك لكي يكون الحل من الداخل مستدام وأكثر ملائمة لواقع النفايات في طرابلس والمنطقة، حيث سيصار من بعدها ،في وقت قريب إلى إصدار تقرير علمي بهذه الحلول يؤسس للمرحلة الثالثة وهي دراسة الجدوى البيئة والاقتصادية والعلمية والإدارية المتكاملة للحلول المتبناة تمهيداً لتطبيقها.
سكاف
رحّب سكاف بأهل الشمال وأشار إلى أن طرابلس ليست مدينة السلام فحسب بل يمكنها أن تكون المدينة المستدامة في ثرواتها، وذلك من خلال تمويلها الذاتي الذي يحدّ من الفساد الحاصل، فهي بحاجة لاستثمارات رجالاتها وليس انتظار أو تسوّل القروض والهبات، فهي قادرة على انتاج حوالي ١٠ مليون دولار سنويا إذا ما استثمرت مواردها بشكل صحيح، لتصبح بذلك الوجهة السياحية والاقتصادية في لبنان.
كما أشار إلى أن “الدول المجاورة ليس لديها أكثر مما لدينا” سواء في الأمور التنموية أو البنى التحتية، وبالتالي “طرابلس مستدامة” هدف سهل التحقيق. كذلك عدّد سكاف بعض المبادئ العامة الواجب اتباعها لإنجاح خطة المعالجة، مشيراً إلى العوائق التي قد تعرقل سيرها ومعتبراً أن أساس أي خطة هو التضامن المناطقي والذهاب إلى الأمور الطبيعية لمعالجة النفايات إضافة إلى حلول أخرى مثل الفرز والتسميد ولكن بشكل نظيف وسليم. أما بالنسبة لشعار يا “زبالتنا بتصير مصاري يا مصرياتنا بصيرو زبالة” فشرح بأن المعالجة الصحيحة للنفايات قادرة على أن تخلق الآلاف من الوظائف لأهل طرابلس والمنطقة.
أما الجلستين المخصصتين لمناقشة الحلول فتمحورت كل واحد منهما على ثلاث أقسام، أولها طرح الموضوع العلمي على الحاضرين، ومن ثم مناقشته معهم وتقديم كل طاولة مستديرة مؤلفة من ٨ إلى ١٠ أشخاص آراءها وأفكارها في القسم الثالث.
تولّى إدارة الجلسة الأولى الدكتور راجي درويش، التي نقلت للحاضرين ماهية استطلاعات الرأي العام في طرابلس حول واقع النفايات وفقاً لمسح أجراه تحالف متحدون بالتعاون مع شابات وشبان من طرابلس، شملت الأسر ومنشآت الوجبات السريعة من مختلف المناطق في المدينة. أما الجلسة الثانية فطرحت اقتراحات الحلول لمعالجة واقع النفايات في طرابلس والشمال، وكيفية الاستفادة منها، وقد تولّى إدارتها الأستاذ سمير سكاف. وكان لافتاً جداً التواصل البنّاء والتفاعل في النقاشات بين الحاضرين جميعاً.